الإمساك

ما هو الإمساك؟
الإمساك مشكلة شائعة للغاية بين الأطفال، ويُعرف عادة بوجود أقل من ثلاثة حركات أمعاء في الأسبوع. يمكن أن يظهر الإمساك كذلك على شكل براز جاف وصلب على شكل حبيبات صغيرة أو كميات كبيرة من البراز. تختلف وتيرة وقوام حركة الأمعاء الطبيعية بين الأطفال؛ إذ قد يتبرز الرضيع الذي يرضع طبيعياً بعد كل رضعة أو مرة أسبوعياً، بينما يتبرز الأطفال الأكبر عمراً والذين يرضعون صناعياً مرة إلى ثلاث مرات أسبوعياً. غالباً ما يظهر الإمساك عند البدء في التدريب على المرحاض أو إدخال الأطعمة الصلبة، ويمكن أن يتطور بعد تجربة مؤلمة للطفل أثناء التبرز مما يدفعه إلى حبس البراز.
هناك مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات العلاجية لمساعدة الأطفال على إدارة الإمساك.
- التثقيف العلاجي البولي والمعوي (Healthy Bladder & Bowel Training) هو برنامج يقدمه أخصائيو العلاج الطبيعي المتخصصون يركز على تغيير السلوك لدى الطفل والأسرة. يشمل توجيهًا عمليًا حول وضعية التبول الصحيحة، وعادات الأكل والشرب الصحية، وتناول السوائل المناسب للعمر، وتقنيات الإفراغ الصحي للأمعاء، وتأسيس عادات منتظمة للحركة المعوية. يتم تكييف البرنامج ليتناسب مع أعراض واحتياجات كل طفل.
- العلاجات الدوائية قد يصفها الطبيب للأطفال المصابين بالإمساك الوظيفي، وتشمل ملينات البراز، ومسهلات الأمعاء، وأدوية المستقيم. يجب ضبط الجرعات حسب عمر ووزن الطفل ومتابعتها من قبل الطبيب.
- إعادة تأهيل عضلات قاع الحوض هو علاج يؤدّيه أخصائيو العلاج الطبيعي المتخصصون لإعادة تدريب العضلات المسؤولة عن وظيفة الأمعاء. يهدف العلاج إلى تحسين قدرة الطفل على استرخاء عضلات قاع الحوض أثناء التبرز، ويتضمن تقنيات مثل التدليك، وتمارين التنفس الحجابي، والتمارين المصاحبة بالتغذية الراجعة البيولوجية، وتمارين التثبيت، والتحفيز العصبي، تحت إشراف المتخصصين.
يجب أن يبدأ التقييم بأخذ تاريخ طبي مفصل وإجراء فحص سريري بواسطة أخصائي. من المهم السؤال عن:
- كم مرة يتبرز طفلك؟
- هل يعاني طفلك من ألم أثناء التبرز؟
- هل بدأت بتدريب طفلك على استخدام المرحاض مؤخراً؟
- ما أنواع الأطعمة والمشروبات التي يتناولها طفلك؟
- هل حدثت أي أحداث ضاغطة في حياة طفلك أو عائلتك مؤخراً، مثل الطلاق أو فقدان شخص عزيز؟
- كم مرة يتعرّض طفلك لحوادث تلوث البراز في ملابسه؟
استناداً إلى هذا التقييم، قد يطلب الأخصائي فحوصات تصويرية (الموجات فوق الصوتية، أشعة بطنية)، وتحاليل دم، واختبارات وظيفية (قياس الضغط الشرجي، دراسات عبور القولون)، وتنظير داخلي (تنظير السيني، تنظير القولون) للتحقق بشكل أعمق من الإمساك.
مذكرة الأمعاء لمدة 7 أيام — وهي سجل يدوّن فيه الطفل أوقات التبرز ونوع البراز على مدار أسبوع — يُعد نشاطاً ممتعاً للأطفال ويزود الأخصائيين بمعلومات مفصلة عن عادات الأمعاء. يجب تسجيل أي حوادث تلوث بالبراز في المذكرة. يستخدم أخصائيو المسالك البولية للأطفال هذه المذكرة لتخطيط أفضل نهج علاجي بناءً على عمر الطفل وشكاواه وحالته السريرية.
يتحدد ما إذا كان الإمساك منشأه نفسي أم فسيولوجي بناءً على توقيت وطريقة تدريب الطفل على استخدام المرحاض. إذا بدأ التدريب مبكراً جداً بالنسبة لتطوّر الطفل أو اتبع الأهل أسلوباً قاسياً، قد يطوّر الطفل شكاوى إمساك نفسية. ومع ذلك، للتمييز بدقة بين المنشأ النفسي والفسيولوجي، يجب تقييم الحالة من قبل أخصائي.
على الرغم من اختلاف الأعراض من طفل لآخر، فإن أكثر الشكاوى شيوعاً تشمل:
- عدم التبرز لعدة أيام (أقل من أربع مرات في الأسبوع)
- أكثر من ثلاث زيارات للحمام يومياً (دلالة على الإفراغ غير الكامل)
- براز صلب وجاف أو وجود دم في البراز
- الضغط والتعرق والتوتر أثناء التبرز
- انتفاخ أو تقلصات أو ألم في البطن
- فقدان الشهية
- رائحة كريهة للبراز أو الغازات أو رائحة الفم
- القيء أو الحمى أو الغثيان
- علامات حبس البراز (مثل قطع الأسنان، أو تداخل الساقين، أو ضغط المؤخرة معاً، واحمرار الوجه)
- بقع برازية سائلة أو رخوة صغيرة في ملابس الطفل الداخلية
- تبول متكرر بكميات صغيرة، أو الشعور بالعجلة للتبول، أو التبول الليلي، أو مشكلات في المسالك البولية
نظراً لأن أعراض الإمساك قد تحاكي مشكلات صحية أخرى، فإن التشخيص الدقيق من قبل أخصائي رعاية صحية أمر أساسي.
الإمساك من الشكاوى الشائعة جداً عند الأطفال، حيث يؤثر على ما يقارب 5–30% من الفئة العمرية. تصبح الأعراض مزمنة لدى أكثر من ثلث الحالات. من بين الأطفال الذين يعانون مشاكل في التبول، يعاني طفل واحد من كل أربعة أيضاً من الإمساك.
السبب الدقيق للإمساك غير واضح تماماً. تشمل العوامل المساهمة عادات استخدام المرحاض غير الصحيحة، وسلوك حبس البراز، والعادات الغذائية السيئة أو الحساسية الغذائية (مثل حساسية اللاكتوز)، وقلة السوائل، وقلة النشاط البدني، والتغيرات في الروتين (السفر، أو التوتر، أو الخوف، أو الانتقال، أو بدء المدرسة)، والمشاكل النفسية، والآثار الجانبية للأدوية، والتاريخ العائلي للإمساك.
في حالات نادرة، قد يكون الإمساك نتيجة أسباب تشريحية (ارتجاع شرجي، داء هيرشسبرونغ)، أو اضطرابات عصبية (السنسنة المشقوقة، الشلل الدماغي)، أو اضطرابات هرمونية (قصور الغدة الدرقية)، أو أمراض أيضية (داء السيلياك)، مما يستوجب النظر فيها.
لا توجد حمية مثبتة علمياً لعلاج الإمساك، لكن تشجيع زيادة استهلاك الماء والألياف الطبيعية من الفواكه والخضراوات أمر صحي. إذا استمر الإمساك رغم اتباع نظام غذائي صحي وترطيب كافٍ ونشاط بدني، فقد يكون السبب ضعف وظيفة عضلات قاع الحوض. غالباً ما تصبح هذه العضلات متوترة أو منقبضة، مما يصعّب عملية الإخراج. إذا لم تستطع هذه العضلات الاسترخاء بشكل صحيح، يبقى البراز عالقاً في القولون. في هذه الحالات، يمكن أن يكون إعادة تأهيل قاع الحوض فعالاً جداً.
يظن العديد من الأهل خطأً أن التلوث يشبه الإسهال، لكنه غالباً نتيجة الإمساك المزمن. عندما يتراكم البراز في المستقيم، يتمدد القولون ويفقد الإحساس، مما يتيح خروج براز أنعم على نحو غير إرادي. كما يقلل المستقيم المتضخم من قدرة القولون على الانقباض بشكل طبيعي. قد يلوث الطفل ملابسه حتى يتعلم كيفية إرخاء عضلات قاع الحوض. التدخل المبكر مهم لمعالجة سلوك حبس البراز ومنع المضاعفات.
البراز الطبيعي يكون عادةً بني متوسط إلى داكن، ورائحته خفيفة، ومتوسط القوام، وشكله يشبه السجق الناعم الذي يخرج بسهولة دون ألم. قد تختلف الخصائص الطبيعية قليلاً من طفل لآخر، لكن يجب على الأهل مراقبة أي تغير في الرائحة أو القوام أو التكرار أو اللون كعلامات تحذيرية.
ألوان البراز
البراز البني يعتبر طبيعياً لدى الأطفال، ويمكن أن يكون أخضر مائل للبني أيضاً مقبولاً.
قد تدل الألوان الأخرى على:
- أسود: قد يشير إلى نزف الجهاز الهضمي (مظهر القطران)، على الرغم من أن بعض الأطعمة أو مكملات الحديد يمكن أن تسبب ذلك.
- أبيض أو رمادي: قد يدل على مشكلة في الكبد أو المرارة (غياب الصفراء). بعض الأدوية المضادة للإسهال قد تسبب أيضاً برازاً شاحباً.
- أخضر: قد يكون بسبب تناول الخضراوات الورقية أو مرور البراز بسرعة مع زيادة الصفراء.
- أحمر: قد يدل على نزف في الجزء السفلي من الجهاز الهضمي أو البواسير؛ قد تصبغ بعض الأطعمة أيضاً البراز.
- برتقالي: قد ينتج عن انسداد القنوات الصفراوية، بعض الأدوية، أو تناول كميات كبيرة من بيتا-كاروتين.
- أصفر: قد يشير البراز الأصفر الدهني أو ذو الرائحة الكريهة إلى سوء الامتصاص أو مشكلات في الكبد أو الصفراء.
يجب تقييم أي طفل يعاني باستمرار من لون براز غير مألوف، خاصة الأحمر أو الأسود، من قبل أخصائي رعاية صحية.
يمكن أن يتحول الإمساك غير المعالج بسرعة إلى حالة مزمنة تؤثر بشدة على جودة حياة الطفل والأسرة. إذا تُرك دون علاج، قد يسبب البراز الصلب ألماً وخوفاً من التبرز، مما يؤدي إلى حبس البراز وتفاقم الانسداد. تراكم البراز المزمن قد يضر بإحساس المستقيم، resulting in leakage of liquid stool. لا ينتبه العديد من الأهل للتلوث إلا بعد تفاقمه. تذكر أن التلوث علامة على الإمساك لا يجب تجاهلها.
يجلس البراز المتراكم في المستقيم بالقرب من المثانة، مما يقلل من سعتها ويسهم في تكرار التبول، والتبول أثناء النهار أو الليل، والتهابات المسالك البولية. لذلك، يجب علاج الإمساك بسرعة قبل أن يؤدي إلى مشكلات صحية أخرى. مع الإدارة المناسبة، الإمساك حالة قابلة للعلاج ولا يجب اعتبارها “طبيعية”.